الأحد، 8 يونيو 2008

أول يوم طوارئ...



أول يوم فى الحضانة....

أول يوم فى المدرسة ....

أول يوم فى الجامعة....

أول يوم تشتغلى ياميروووو....... يااااااااااااااااااه ...ده كان يوم مايعلم بيه إلا ربنا!!!!

عرفت ليه أسموه قانون الطوارئ ... علشان الكركبة اللى بيعملها واللى بيخلى الناس تلف حوالين بعضها وحوالين نفسها أيضا

مستشفى الطوارئ الجامعى.... هى مسلسل ER الأمريكانى بس ..... Slow Motion

كله بيجرى ... فى الأمريكانى .... بيجروا علشان ينقذوا العيان
وفى المصرى ..... بيجروا علشان يدوروا ياإما على الدكتور ....أو على التروللى ... أو على الممرضة الغلبانة علشان يتخانقوا معاها هى إتأخرت ليه فى المعمل أو فى الأشعة
قبل ماأدخل المستشفى قابلت عم مجاهد.... عامل مسن فى قسم الكيمياء فى الكلية... تشوف ضحكته تحس إن الدنيا لسه بخير.... تتكلم معاه تحس إنك عرفت مصر والمصريين السكان الأصليين لها موش بتوع دلوقتى .... وكمان عرفت الإسلام الحقيقى

هذا الرجل له فضل عليا لن أنساه أبدا.... موش لأنه كان بيوصى عليا المعيديين فى الإمتحانات ولا كان بيغششنى نتائج العينات بس فضله عليا لأنه أعطانى أكبر وأهم درس فى حياتى.... ألا وهو.... الرزق الحلال

لم يقل سوى جملتين بس كانوا بالشفاء...... " إنتى رايحة الشغل قلت أيوه ياعم مجاهد.... قالى أأأأأأه طب خلى بالك بقى ...إنتى طول عمرك بتأكلى من مال حلال علشان شقى أهلك فيه.... دلوقتى بقى ياتفضلى تأكلى مال حلال ده إذا أديتى شغلك كما يجب ....أو حتأكلى مال حرام إذا طنشتى وقلتى على قد فلوسهم "

درس عمرى مانسيته.... كل يوم ...فى أى مكان شغل ...لإنى غاوية شغل ومتشحططة فى بلاد المسلمين

وده هو اللى خلانى دايما أسمع كلمات زى .... هى فاكرة دى مستشفى أبوها.... ماتسيبيها تولع.... إنت لكى تعملى اللى عليكى وبس.... وكانت " اللى عليكى دى " هى مربط الفرس

اللى عليكى.... بالنسبة للصيادلة...هو مجرد صرف التذاكر أو التحكم البايخ فى الممرضات والعمال

واللى عليكى ....بالنسبة للأطباء..... هو ....إصرفى وإنتى ساكتة

واللى عليكى .... بالنسبة للمدير .... هو...... خليكى عينى على الأطباء النواب علشان أطلع عينهم

أما بقى اللى عليكى بالنسبة لى فكان ..... " فليغيره بيده "
طبعا لم يكن الأمر وردى لأن التوصيف العملى لماهية دور الصيدلى بالذات فى المستشفيات = صفر.... إن مكانشى تحته

ونتيجة لهذا تحول المدير إلى رئيس لجنة فض المنازعات ومكتبه إلى دار القضاء العالى

وده كان تانى درس......... عاوزة الثواب أحسنى وأخلصى النية لله وإتوكلى عليه وهو موش حيسيبك أبدا

فعلا أخلصت نيتى لله أن يكون وقتى بالمستشفى لمساعدة الغلابة وبس

لأنها كانت نقلة حضارية فظيعة بالنسبة لى.... حيث أنى كنت أعد عائلتى من الطبقة المتوسطة ...يمكن لأننا لا نحيا فيللا ولا نحدث سياراتنا سنويا ولا ولا ولا...

ولكن منذ أول يوم فى الطوارئ شعرت بأننا من الطبقة اللى فوووووووووووووووووووووووووق قوى

عندما تجد أن 10 جنيه التى أشترى بها مجلة وأنا ذاهبة للعمل أو شريط كاسيت ( لأن أيامها مكانشى فيه سيديهات )..أو أى شئ هايف أخر...هى نفس ال 10 جنيه التى تكون دخل أسرة يوميا او يمكن أقل

هى نفس ال 10 جنيه التى ستكون فطار وغذاء وعشاء لأسرة من 4 أو 5 أفراد

وهكذا بدأت نظرتى للأشياء تتغير تماما..... إكتئبت لفترة ولكن تحول الإكتئاب بعدها لشئ عملى
حادث سيارة لصديق ...نجا منه بأعجوبة وقرر أن يعطينى 150 جنيه لأعطيهم بدورى لمريض فقير أو أشترى له علاج غير متوفر بالمستشفى.....

الكلام ده كان فى أبريل 2001...... وحتى كتابة هذه السطور لم يمر على يوم لا أملك فيه مال يتبرع بيه أناس أعرفهم ولا أعرفهم أحيانا كثيرة

يقل وينقص ويزيد ويتضخم ولكن أبدا لا يكون الرصيد صفر...ولا يوم لمدة 7 سنوات
وهذا كان الدرس الثالث..... الرزق بيد الله وحده .... وبييجى لحد صاحبه

كثيرا ما كنت تمر على أيام تبلغنى فيها الحكيمات أو السادة الزملاء الأطباء بأنه هناك حالة محتاجة علاج مكلف جدا وهو فقير ولا يملكه.... وتكون المصادفة السيئة أننى لا أملك المال الكافى فى ذلك الوقت..... وأظل أفكر ماذا أفعل وبمن أستعين

وفجأة.....

يطرق باب مكتبى شخص لا أعرف من هو ويقول لى ...حضرتك دكتورة فلانة..... أقول نعم أنا... أيوه... أى خدمة!!!!1
يقولى طب أستاذ فلان ( الذى لا أعرفه أصلا ) مرسل لك هذا الظرف .... أفتح الظرف ألاقيه المبلغ المطلوب للمريض الفقير بالظبط

أقسم بالله العظيم أن هذا الموقف ليس من نسيج خيالى ولكن حدث وتكرر أكثر من مرة

وأعود لمنزلى لا أملك فلوس تبرعات أخرى وتانى يوم نفس السيناريو لمريض أخر

لذا تعلمت ..... أرفع يدى لفوووووووووووق وأقول يارب أرزقنى.... وبما إنه هو الرزاق يبقى ماينفعشى أكذب ولا أغش ولا أسرق ولا أعمل حاجة حرام وأقول ماهو علشان أحسن دخلى


أعتز جدا بهذا الموقف وأهديه دائما لصديقاتى اللاتى يعملن فى مجال السياحة والطيران بالذات ويرفضوا إرتداء الحجاب حتى لا يفقدوا عملهم .... وأهديه لأى حد قد ينسى يوما أن .... الرزق بتاع ربنا .... واللى بتاع ربنا مابيجيش غير بطاعة ربنا ..... وحلال ربنا

سلاموا عليكم