الأحد، 22 فبراير 2009

أمنية حسن ....(4)


....أخر الحكاية ....
أمنية حسن كانت قد بدأت فى العلاج الطبيعى لمدة ستة أشهر وقاربت على أن تعاود المشى على قدميها ثانية
وبدأت تستعد لإمتحان السنة النهائية لها فى الكلية والتى كان من المفروض أن تتخرج منها منذ 4 سنوات
وبدأت تستعيد قدرتها على الحلم والأمل وفارس الأحلام....
" ويلا بقى يادكتورة نفسى أخف علشان المرض أخرنى عن الزواج قوى قوى قوى ...هههههههههه"
كما كانت تقول لى ضاحكة ...فأرد عليها أنا
.." طب موش عيب ...موش لما أتجوز أنا الأول يا أمنية"
فترد ساخرة ..." لأ ماليش دعوة ...إنت براحتك بقى ...أنا مستعجلة... وشكلى حأتجوز دكتور العلاج الطبيعى "
.........
أمنية الآن فى القصر العينى للمرة المليون وتستعد لإجراء عملية خامسة فى العمود الفقرى فى قسم 26 مخ وأعصاب ...لأن الورم عاود الإنتشار وبدأ فى الضغط ثانية على الأعصاب
وعلى الرغم من ذلك مازال لديها الأمل والقدرة على الحلم
ربنا يشفيكى يا أمنية ....أنت وكل مريض

امنية حسن ....(3)




كنت قد حزمت أمرى على الذهاب لها فى المستشفى وكان أمامى مشكلتين عويصتين

اولا المبلغ الذى سمعته فى الحلم لم يكن معى كله......فتلك الألفى جنيه لم تكن متوفرة وقتها من فلوس التبرعات التى يرسلها الله لى عن طريق عباده الذين يحبون الخير ويثقون فى أنى سأحسن التصرف فى تلك الأموال كمندوبة عنهم

ولم تكن مشكلة عويصة قوى الحقيقة لأن المبلغ الموجود كان ينقصه بعض المئات فقط لتتم الألفين جنيه وقلت سهلة حاطلبهم من والدى حتى أحصل على مرتبى بعد أيام وأردهم له كيلا أتأخر على الذهاب للفتاة

المشكلة الثانية كانت هو الأصعب ...
عندما ذهبت الموظفة لمنزل الفتاة لم تجد أحد بالمنزل ولكن كل ماحصلت عليه من معلومات كان من الجيران بالتالى فلا أحد يعلم تحديدا إذا كانت فى مستشفى عين شمس التخصصى أو فى الدمرداش وكذلك لا أحد يعلم فى أى قسم هى محجوزة هل هو قسم جراحات الأورام أم قسم جراحات المخ والأعصاب...ومحاولة البحث عنها فى تلك المستشفيات كلها كمن يبحث عن إبرة فى كومة قش فعلا

المهم توكلت على الله وقلت خلاص ربنا أكيد حيسهل وصولى لها
وقررت الذهاب يوم الجمعة 29 مارس صباحا أثناء ميعاد الزيارة لأتمكن من البحث عنها

يوم الأربعاء مساء كنت فى زيارة عائلية ..وتحدثت مع ربة الأسرة عن أخبارى وأحوالى وعملى فى مكانين مختلفين تماما ...و...و... ثم فؤجئت بالسيدة الطيبة تقول لى

" أميرة من فضلك خدى المبلغ ده معاكى لو لقيت عيان غلبان فى المستشفى محتاج علاج إشتريه له"

شكرتها وقلت يافرج الله ...هانت والمبلغ قرب يتم


يوم الخميس كنت فى الجامعة الأمريكية لأداء بعض الأعمال وتوديع صديق كان يستعد للهجرة وجلست معه وتحدثنا كثيرا وخلال الحديث عرف بمشوارى صبيحة اليوم التالى لأنى سألته وهو خريج كلية طب عين شمس عن كيفية أن أتوصل للفتاة فى تلك المنشآت التى تشبه سيتى ستارز !!!

فى نهاية الحديث وبينما كنت أستعد للمغادرة فاجئنى صديقى بقوله " أميرة أنا كنت أتمنى أن أذهب معك غدا ولكن للسف وقتى ضيق جدا وورائى إلتزامات كثيرة للسفر ...ممكن لو سمحتى وتكرمتى تضيفى هذا المبلغ للمال الذى ستذهبين به للفتاة "

وكان ما أخرجه من جيبه هو بالتمام والكمال ماينقصنى ليتم المال 2000 جنيه

لم أنطق بكلمة ولكنى نظرت أليه طويلا متأثرة بمافعله وحاولت متحرجة شكره وعدم قبوله وسألنى لماذا أنت مندهشة
هل أنت مندهشة لأنى مسيحى وتلك الفتاة مسلمة ؟؟؟..... تلعثمت فعلا ولم أستطع الكلام
وهمهمت بكلمات مقتضبة وقلت له أعتقد أنك تفضل أن تخرج ذلك المبلغ لمريض أخر يكون أكثر إحتياجا
تبسم ذلك الصديق الطيب قلبا وقالبا وقال ...أميرة ... المريض مريض والمحتاج محتاج والغلبان غلبان وربنا هو ربنا والدين لله... إحنا بنعمل الخير لنفسنا علشان ده بينفعنا إحنا قبل مابينفع الناس التانية... المهم ربنا يقبله

ذهبت صبيحة يوم الجمعة لأمنية وتهت بين المستشفيات والأقسام المختلفة حتى ظننت أنى لن أجدها وعنده كان آذان صلاة الجمعة رفعت يدى للسماء وطلبت من الله " يارب .... كل واحد دفع مليم فى الفلوس دى كان يقصد يطهر نفسه ونفسه تقبل منه وترضى عنه.... إذا كنت تقبلت من كل الناس دى يارب إهدينى لها والاقيها...وإذا كنت لم تقبل من أحد منا إصلح حاله حتى ترضى يارب ونلاقى البنت الغلبانة دى"

لم أكد أنزل يدى وأنا شبه يائسة حتى فؤجئت أمامى بممرضة ضئيلة الحجم تنده عليا من أخر طرقة المستشفى ...يا أبلة يا أبلة ..... إنت دوختينى وراكى .... إنت بتدورى على البنت بتاعة المحلة الكبرى.... قلتلها أيوة ...قالتلى طيب إدخلى العنبر اللى جنبك يمين فى شمال ثم أول سرير أمامك

إستدرت....دخلت ..... يمين ....شمال.... عنبر وستائر حول الأسرة
قلت وأنا اتجه لأول ستارة لأزحيها عن السرير ...تقبل يارب ...تقبل يارب ...يارب تقبل

أزحت الستارة ........ووجدتها !

إنفجرت فى البكاء وإحتضنتها قائلة ياشيخة دوختينى وراكى


..................................

سافر صديقى بعدها بأيام ولت أتمكن من توديعه ثانية ولكنى قبل ركوبه الطائرة بدقائق حادثته وقلت له لا تخاف من الدنيا الجديدة اللى انت رايح لها ....ربنا معاك وتقبل منك
بعدها ولمدة سنتين مرت على هجرته كلما يهاتفنى من مهجره يصف لى غير مصدق كم يسهل له الله كل شئ كما لو كان له واسطة أو يحمل كارت توصية من الأمم المتحدة..ويختتم كلامه ... سلملى لى على أمنية

ثم جاء يوم إشتد عليها الألم بعد إحراء العملية بشهور وتذكرت أنه كان لديها موعد للكشف عند ذلك الطبيب المشهور وإتصلت بالعيادة لتجديد ميعاد الكشف وطلبوا منها الجضور وقتما تستطيع

طبعا كانت مأساة لنقلها من المنزل بعد عملية خطيرة فى العمود الفقرى لمستشفى فى القاهرة التى تبعد عن منزلها نحو 120 كيلو متر

ولكن فاعل خير تطوع بنقلها بسيارة إسعاف مجهزة وكان ميعاد الكشف عند الطبيب هو الثانية عشر مساء

ذهبت أمنية وبمجرد دخولها للطبيب المشهور د.عمرو صفوت رئيس قسم المخ والأعصاب وقتها بالقصر العينى ...أصر على عدم تحركها وجلس هو على الأرض بجوارها ليتم الكشف عليها

أصر ذلك الطبيب الإنسان أن يعيد لها ثمن الكشف وكان حوالى 200 جنيه وقام فورا بإلإتصال بمستشفى لإيجاد سرير خالى لها على حسابه ...وبعد 4 ساعات كاملة قام بالذهاب معها للمستشفى وقام بدفع تكاليفها وتكاليف الإسعاف الذى نقلها !!!!!!!!!1

ثم قام بترتيب العملية لها وإختفى من حياتها دون أن يسمع كلمة شكر واحدة كما لو كان ملاك حارس ظهر لعلاجها وتكليف تلميذه بمتابعتها ثم ذهب ليبحث عن مريض أخر ينقذه

كم أتمنى أن أقابل ذلك الطبيب الإنسان لأشد على يده

ثم بعد سنوات عدة سمعت إسمه بالمصادفة فى برنامج البيت بيتك لمحمود سعد يقول أنه الآن مسؤل عن قسم المخ والأعصاب بمستشفى أبو الريش ويقوم بحملة لجمع التبرعات لوحدة حديثة به لخدمة الأطفال المرضى

يا الله ....... كم هو بسيط الخير فى المجهود الذى يبذل فيه وعظيم فى أثاره على الناس وصلاح الأرض

وكم كنت أنت كنز للجميع يا أمنية

أمنية حسن ...(2)


ماشعورك عندما تكون سائر فى أمان الله فى الشارع ....وفجأة يقابلك مذيع وكاميرا تصوير ويخبروك بأنه ألف مليون مبروك كسبت مليون جنيه خالصة الضرائب ؟

كم ستكون فرحتك بمصباح علاء الدين ...تجده ....تلمعه ...ويخرج لك منه المارد يهديك الكنز المدفون لك وحدك ؟

أمنية حسن .... هى المصباح ...والمارد ....والكنز المدفون !

تلك الفتاة هى كنز كنت أمشى فى طريقى ووجدته ....صندوق ملئ بالكنوز لم يتوقف عطاؤه حتى الآن بعد 4 سنولت كاملة

أمنية لم تكن كنز لى وحدى ولكنها كنز لكل من أراد الله أن ينعم عليهم بهذا الرزق

كم تعلمت منك يا أمنية ............ كيف أشكرك على عطاؤك وهديتك يارب ؟

عندما أقول أن أمنية كنز ....فأنا أعنى فعلا ما تحمله الكلمة من معانى
ولكنها كنز حقيقى ليس كالنقود والذهب تنتهى قيمتها بتصرفنا فيها
أمنية هى كنز من الحسنات والثواب وطريق خير مفتوح متسع كالطرق السريعة الأمريكية لا حد للسرعة فيها
أمنية كانت كنز لكل من عرفها وحتى من لم يعرفها


رأيت بعينى كم كان أناس يتسابقون لدفع تكاليف علاجها وهم لا يعرفونها حتى ولا يهتمون بمعرفتها
رأيت بعينى أناس كنت أحسبهم من القاسية قلوبهم يتحولون إلى جوعى وعطشى للثواب والرضا من الله بدون تحايل ولا رياء

رأيت بعينى ما نصطلح على تسميته ...( تساهيل ربنا ) فى كل ما يخص تلك الفتاة من أمور
تكون مستعصية عادة ولكن بمجرد أن تكون لها تلك الأمور والتعقيدات الإدارية فكل شئ ينفرج بإسم الله وبإذنه

أمنية حسن ........ إذا لم أكن مؤمنة بوجود الله لآمنت به وبقدرته لمجرد معاصرتى لقصة تلك الفتاة
أمنية حسن ........ إذا كان زمن المعجزات الإلهية قد ولى فإنها المعجزة التى تدل على أننا نحيا فى كون وملكوت الله وهو وحده المالك المتصرف فى شئون عباده

..... توقفت فى البوست السابق عند مقابلتى للموظفة الطيبة وإخبارى بما حدث وحقيقة مرض أمنية
وكيف أن الطبيب المعالج نصحها بأن تذهب لطبيب مشهور هو د.عمرو صفوت رئيس قسم جراحة المخ والأعصاب بالقصر العينى لأنه الوحيد الذى يمكنه أن يقوم بمثل تلك العملية الصعبة الدقيقة لتخليص الأعصاب والحبل الشوكى من الورم الملتف حوله

حاولت الفتاة أن تحجز موعد للكشف عند الطبيب ولكنها فحلت بصعوبة فى حجز موعد بعد شهرين !
حاولت الموظفة والفتاة وأنا فى تقديم ميعاد الكشف ولكن فشلت محاولاتنا جميعا
أخبرتها أن تهاتفنى إذا إحتاجت أى شئ وأن تبلغنى بنتيجة الكشف وماسيقوله الطبيب لها

مرت الأيام وإنشغلت بأمورى وسفرى ودراستى وذات يوم لا أنساه ابدا
الأربعاء 27 مارس 2006... قررت ألا أذهب للمستشفى لأكمل نومى وكسلى البغيض كما لو كنت طفلة تتحين الغياب من الحضانة
أقسم بالله العظيم أن ما سأرويه هو بعينه ماحدث ...
رايت حلما عجيبا بأن صلاة الظهر قد حان وقتها وأن المؤذن بعد رفع الأذان يقول إن أمنية حسن محجوزة فى مستشفى عين شمس وتحتاج لألفى جنيه لأنها ستجرى عمليتها بعد أيام

إستيقظت مضطربة جدا ..... انا لا أدعى أنى من أولياء الله الصالحين ولا أنى أصلا من الصالحين !!!
ولكن أحلامى غالبا غالبا ماتتحقق ولا أعلم تفسير لذلك

المهم أنى كنت أفكر فى الأمر ... أمنية إيه اللى حيوديها عين شمس ... أولا الطبيب يعمل بجامعة القاهرة يعنى حتى لو كانت قد ذهبت للكشف فهى الآن محجوزة فى القصر العينى
ثم إن موعد كشفها لايزال أمامه شهر كامل

أكيد أضغاث أحلام ...!!

لم أرتاح طيلة النهار من التفكير ... وإكتشفت أنى نسيت فى خضم مشاغلى أن أحصل على تليفون منزلها ...إهتممت بأن أعطيها أرقامى ولم أهتم بأخذ تليفونها ....وكان هذا درس قاسى جدا
فأنا إكتفيت بأنى أبديت لها إستعدادى لمساعدتها عندما تحتاجنى ونسيت أنه كان من الواجب أن أطمئن عليها من الوقت للاخر....فمن يدرينى لعلها شعرت بالحرج من أن تتصل بى

لمت نفسى ولكنى تذكرت الموظفة الطيبة وإتصلت بها وأخبرتها بالحلم وتعجبت هى الأخرى وقالت لى خلاص يادكتورة ولا يهمك أروح لها منزلها وأسال عليها

وذهبت ويالهول المفاجأة....

أمنية تدهورت حالتها جدا وأصبحت غير قادرة على الحركة وصراخها لم يعد ينقطع والجيران تطوعوا بأن يأخذوها لمستشفى عام فى تلك المدينة الإقليمية وطلبوا مساعدة أحد أعضاء مجلس الشعب !!!!... ليتوسط لها عند إدارة المستشفى لتحويلها لمستشفى جامعى أو تعليمى فى القاهرة

وفعل الرجل مشكورا وتم تحويلها لمستشفى ...الدمرداش أوعين شمس التخصصى والتى قرر الأطباء إجراء العملية لها فى أسرع وقت ممكن !

يااااااااااااااااااااه..... الحلم كان رؤية صالحة من عند الله....ليس لأنى من أولياؤه للأسف ولكنى من عباده وأمنية هى الأخرى من عباده وأول كنز حصلت عليه من صندوق أمنية هو أن أكون ممن يجعل الله قضاء حوائج الناس على أيديهم

........و للحديث يقية

الجمعة، 20 فبراير 2009

أمنبة حسن ...(1)


البعض منا يعشق لعب دور القاضى الذى يصدر الأحكام ... بدليل عندما يجتمع بعض الناس وتثار قضية معينة أو موضوع ما نجد الكل يتسابق لإصدار أحكامه والتى يقولها بشكل قاطع كما لو كان المتكلم هو الوحيد المبصر فى مجتمع العميان..وياسلام بقى لو كان الموضوع يتحمل تطبيق نظرية المؤامرة التى نؤمن بوجودها كعقيدة راسخة

مثلا .. أتذكر مقتل الأميرة ديانا ...الكل يدلى بدلوه ويبتكر الأسباب الخفية التى يعلمها المتحدث هو وفقط عن غير خبرة او علم او حتى ثقافة تحليلية... وكذلك الحال فى غزو العراق وحصار غزة ومقتل سوزان تميم وأزمة الرهن العقارى الأمريكى ..إلخ إلخ إلخ لانهائية والسيناريو واحد .... الحكم المسبق المقولب الجاهز

لم أندم على شئ فى حياتى كما ندمت على تقمصى بعض الوقت لتلك الشخصية التى تصدر الأحكام جزافا بدون وعى
ربما تخلصت من تلك العادة السيئة البغيضة
عندما كنت أسمع المقولة العامة التى يعرفها الجميع ولا ينفذها غير القليل ألا وهى " لا تصدر الأحكام جزافا ولا تفترض أشياء بدون علم "
Don’t be judgmental & Don’t assume

ولكن يظل الفضل لله عز وجل ثم ((( لها ))) فى تخلصى من تلك العادة .... أمنية حسن

أشعر بغصة فى حلقى عندما أتذكر ذلك اليوم...
أجلس فى مكتبى بالمستشفى خلال نهار يوم شتوى قارص البرودة أتأفف من البرد ومن عدم وجود تكيف فى المكاتب الحكومية وألقى بسؤالى المتذمر على أصدقائى ..." موش عارفة إمتى حايعاملونا كبنى آدميين ويجهزوا المكاتب كما ينبغى !!... يعنى البيه الظابط بتاع الأمن أول ماوصل إتفرش مكتبه سجاد وكراسى فوتيهات وتكييف والدكاترة الغلابة اللى طالع عينهم فى المستشفى دى مايستهالوش !!!...إفففف إستغفر الله العظيم"

ويدق شخص على الباب وأقول إتفضل .... تظهر سيدة فاضلة موظفة فى أحد إدارات كلية الطب التى تتبعها المستشفى وأرحب بها ولكنها كانت فى غاية الجزع وتقول لى ..." معلهشى يادكتورة من فضلك تعالى معايا الإستقبال ...يوجد طالبة فى الكلية كانت تؤدى إمتحان التيرم وكنت أراقب علي لجنتها أثناء الإمتحان وفجأة إنهارت وأخذت تصرخ بشدة من ظهرها وجلست على الأرض تصرخ بشكل هيستيرى وبصعوبة نقلناها للإستقبال ... يارب يخليكى وصى عليها زملائك لحسن دى حالتها صعبة قوى "

أذهب معها للإستقبال وأجد أمامى فتاة آية فى الجمال ...سبحان الله العظيم ... لو كان للرقة والبراءة عنوان لكانت تلك الفتاة عنوانها... تبكى وتصرخ بجنون وصديقاتها حولها ممسكات بيديها ويحاولوا يهدئوا من روعها...ولكنها لا تقول سوى آآآآآآه آآآآآه آآآآآآه ...كفاية موش قادرة آآآآه آآآآآه يارب أموت وأرتاح

أجزع لرؤيتها وأسأل عن حالتها ليبلغنى أصدقائى أنها تصرخ من ظهرها وغالبا لأنها ظلت جالسة مدة طويلة للمذاكرة وبالتالى مع برودة الجو ظهرت تلك الآلام على ظهرها ....

أطمئنها بأن حالتها بسيطة للغاية وكل ماتحتاجه هو حقنة مسكنة .....فتصرخ لأ لأ موش عاوزة موش حتخفف ألمى
أنا عارفة اللى بيريحينى ...عاوزة حقنة ( .......) المخدرة هى الوحيدة التى تذهب الألم عنى

وهنا .... تملكتنى الشخصية البغيضة التى تصدر الأحكام كما تتنفس الهواء بلا أدنى صعوبة ولا تفكير
وأقول فى نفسى ... آه أهلا ...... هو إنت منهم !!!... كل الفيلم الهندى ده علشان تأخذى حقنة المخدر التى لا تصرف الا بروشتة.... بقى الشبورة دى كلها علشان كده !

ولثانية خطر فى بالى أنه قد تكون البنت صادقة فعلا فى معاناتها وهناك مشكلة حقيقة فى ظهرها....سألت زميلى طبيب العظام ...موش يمكن البنت تعبانة بجد .... هى عملت أشعة؟
قالى لأ طبعا لأن جهاز الأشعة على وشك التعطل وبيشتغل فقط للحوادث ....!!!

أخبرت الموظفة التى جاءت بها أنها يجب أن تقوم بعمل أشعة لمعرفة سبب ذلك الألم المبرح التى ( تقول ) أنها تعانيه ...وكنت بداخلى لا أزال أشك فيها وكنت أقول فى نفسى على الأقل لو لم تكن مدمنة لهذا العقار فهى قد تكون ...بتتدلع أو حالة هيستيريا التى تصيب بعض الطالبات أثناء الإمتحانات بالذات لكسب تعاطف

شكرتنى الموظفة الطيبة وعاونت صديقات أمنية على أن تقوم وتخرج من المستشفى وتذهب لبيتها

نسيت القصة تماما لمدة أيام وأسابيع ثم ذات يوم قابلت تلك الموظفة الطيبة صدفة وسألتها عن الفتاة.... قالت لى ماصدمنى... قالت إنها أوصلت الفتاة لمنزلها مع صدبقاتها وقابلت أمها التى قالت لها أنها أحيانا ماكنت تصييبها تلك الحالة من الصراخ الهيستيرى على فترات متباعدة ولكنها إزدادت حدتها تلك الأيام مع دخول الشتاء القارص هذا
فسألتها الموظفة لماذا إذن لم تذهب للطبيب المتخصص ...ردت الأم أنها ذهبت ولكنه طلب أشعة معينة غالية الثمن جدا والفتاة رفضت عملها وإكتفت بالمسكنات لتمكنها من ممارسة عملها ....
عملها ؟؟!!!!...... أى عمل ؟...أليست طالبة بالكلية؟؟؟!!!
نعم طالبة ولكنها كان عليها أن تعمل منذ العام الأول لها بالكلية لتدبر نفقات كليتها ومساعدة أسرتها فى المعيشة وبالتالى عملت كمساعدة لمشرفة التمريض بأحد المستشفيات الخاصة ...!!!!
قالت لى الموظفة الطيبة أنها أصرت على القيام بمصاحبة الفتاة لعمل الأشعة والتى جمعت ثمنها من إعلان حالة إكتتاب عام بين موظفى شئون الطلاب بالكلية !!!!

يا الله ياولى الصابرين !..... أشعة ثمنها لا يتجاوز 3 ورقات مالية من فئة المئة جنيه تمثل مشكلة لأسرة ولفتاة ولموظفيين إدارة كاملة !!!!

يارب رحمتك بنا .... كيف ستحاسبنا على إهدارنا للمال بذلك الشكل المستفز ..... كم من أشياء نشتريها ونلقى بها بعد شراؤها لأننا غيرنا رأينا ولم نعد نراها جيدة

كم من أكلات وفاكهة وبواقى طعام يكون مصيره صندوق القمامة وهو يكفى لوجبة 3 أيام لأسرة كاملة !

كم من قطعة ملابس نشتريها بدون أن نقتنع بها ولا بثمنها الباهظ لمجرد أنها من ماركة معينة عالمية

ياربى ...300 جنيه ثمن أشعة تأخرت عملها لفتاة مريضة وأدت لتأخر علاجها كما سيتضح فيما بعد ونحن نشترى بأضعاف هذا المبلغ مالانحتاجه

300 جنيه ....كم من عشاء فاخر فى مطعم فاخر لشخصيين تناولوه ودفعوها ثمنا له

300 جنيه ..... كم من بقالة وشيكولاتات وسجائر نشتريها بذلك المبلغ بدون أدنى تفكير فى ضخامته

300 جنيه ... ثمن أشعة تأخرت أمنية فى عملها وأدت لإكتشاف أنها مصابة بورم خبيث إستوحش ويفترس خلايا أعصاب عمودها الفقرى

يا الله !!!.... أقسم بالله أنى أكره نفسى كلما تذكرت موقفى معها فى إستقبال المستشفىوعاهدت الله عز وجل ألا أنصب نفسى بعدها قاضيا على أحد.... لى من الناس ظاهرهم ولكن سرائرهم فى علم الله وحده