الخميس، 29 مايو 2008

ملائكة الجحيم....


ملائكة الجحيم .....عنوان دائم لروايات أدهم صبرى التى كانت مقررة على جيلى ...
تذكرت ذلك العنوان عندما رأيتها لأول مرة... مدام إنشراح...حكيمة حكيمات الإستقبال...وذلك لحضورها الطاغى ...حجما ...ووزنا....وصوتا!!!

وتوالى ظهور باقى الملائكة الزميلات لمدام إنشراح....وفعلا وجدت أن وصف ملائكة الجحيم هى الأقرب إلى الصحة من تسمية ملائكة الرحمة...
وبدأت أنكمش وأتقوقع... فأنا لن أكون أبدا الطرف الفائز فى أى نقاش بينى وبينهم ...( ولا أقول خناقة)... وذلك لعدم إمتلاكى لإمكانيات الخصم...

فأنا حجما ...لمبة نيون فيليبس ...
ووزنا .... ورقة كراسة....
وصوتا... حنفية من غير جلدة و بتنقط
لذا أثرت السلامة وإبتعدت طواعية....و لكن الآن بعد كل تلك السنوات فى المستشفى ...وبعد أن أصبحت كل هؤلاء الممرضات أصدقائى الأوفياء الطيبيين أجد نفسى مضطرة للإعتذار لهن على سوء ظنى بهن وحكمى المتسرع عليهن

الممرضات فى مصر.... فئة أخرى مهمشة ومهضومة الحقوق....
أولا تختلف تسميتهن من مكان لأخر....

فالممرضة فى المستشفى الخاص هى.... NURSE... وذلك من أحد البنود التى ترفع سعر الفاتورة للمريض... ولما لا وهو تقوم على رعايته ( نيرس بحالها ) موش ممرضة !
اما بقى فى المستشفيات الحكومية بتاعة الغلابة فهى تسمى حكيمة.... وهو ليس إشتقاق من الحكمة ولكن كما قال سعيد صالح ... حكيمة علشان بتدى حقن!!!
أما بقى فى الأدب العربى الذى قد إنتهى بإنتهاء موسم الأدب وبداية عهد قلة الأدب فى مصر... فهى كانت تسمى ممرضة ومشتقة من التمريض
ومهما كانوا فهن فئة فعلا مسكينة.....
فى مستشفى الطوارئ مئات الحكيمات ... كل واحدة تحمل هموم الدنيا ...وخلف باب بيت كل واحدة مآسى لا نهاية لها وميلودراما عميقة و غميقة

فى مستشفى الطوارئ قد يتبدى للزائر- أول موظف أول مرة كما كنت - أنهن باردات الحس وبليدات الشعور وبطيئات وكسولات ويمكن كمان يتفهم إنهن بيأكلوا المرضى ... ولكن الحقيقة بعيدة عن هذا تماما... كل مافى الأمر أنهن ...متعودة ... داااااااايما......
والله لا أقصد متعودة...داااايما بتاعة عادل إمام ولكن فعلا طبيعة العمل فى مكان مأساوى زى الطوارئ يجعل الشخص يصاب بالصدمة أولا...
ثم تقلب لتكون إكتئاب حاد...
ثم يكون موش حاد قوى ...
ثم يكون إنفصال عمايحدث ...يكون موش تام قوى
ثم يكون تااااااااااااااام
وهذا مايحدث للجميع فى الأماكن المنكوبة كالعناية المركزة والطوارئ والأورام ... إلخ
وبمرور الوقت وجدت أن غاية ما تطلبه تلك الفئة هو الإحترام والمعاملة الحسنة..... ولا أعلم لماذا لا يحصلوا عليها فى معظم الأحيان.... فالممرضة هى شريك أساسى فى الرعاية الصحية وهى من يتوقف عليه نتيجة جهد كل الأطباء فلماذا تعامل الممرضة فى مصر على أنها درجة عاشرة ولا بلاش نقول تعامل كما لو كانت بتشتغل عند الدكتور ... موش بتشتغل معاه!!!

وكان دائما هناك مشهد يهزنى بعنف... وهو أثناء الحوادث والإستقبال مقلوب رأسا على عقب .... تجد ممرضة حامل فى الشهور الأخيرة تجرى هنا وهناك وتحمل أشعة وتحاليل وتقارير....إلخ ، فى حين أن إحدى زميلاتى كانت حامل وقامت ضاربة أجازة 100يوم علشان لسه بتتوحم وهتبقى حامل... وعلشان إحنا (( فوارغ )) وموش حوامل فعلينا القيام بشغل تلك الزميلة فوق دماغنا



وبعد كل تلك السنوات....تحية حارة لحكيمات مستشفى الطوارئ أجدع ناس وكل واحدة منهن اللى بمليون راجل

الأحد، 25 مايو 2008

بداية الحدوتة....


كان من المفروض أن أعمل بكلية الصيدلة… فى أحد الوحدات ذات الطابع الخاص … وخصوصيتها تلك لا تعنى شئ سوى أنها لا ينطبق عليها القوانين العقيمة التى تتحكم فى أى جهاز حكومى…


وكنت دائما أتساءل… ” طب لما هى قوانبن عقيمة وبتعطل المراكب السايرة… ماسكين فيها ليه؟؟؟


“ولأن الوصول للقمر أسهل من تغيير القوانين العقيمة فى مصر … ( موش عارفة يمكن تكون ورث فرعونى ولا حاجة وماينفعشى يتباع !!!)… فكان لذلك كل منشاة حكومية عايزة تمشى أمورها… تعمل وحدات ذات طابع خاص !


وكان من المفروض أن أقضى أولا فترة فى المستشفيات الجامعية ثم أنتقل للعمل بالكلية…ومن هنا تبدأ الحدوتة…


ذهبت لتقديم أوراقى للسيدة الفاضلة مديرة الصيادلة بالمستشفى … والتى قال لى والدى إنه كلمها وأنها معرفة قديمة وأنه كان مديرها لسنوات طويلة….و..و..و… ” ومتخافيش إنت متوصى عليكى قوى “….. خلى بالكم من الجملة دى علشان حنعوزها بعد كده كتيير


وذهبت فعلا ومعى صديقتى شيماء…. وطول الطريق أقول لها إنها سيدة فاضلة… وموش حترفض طلبنا و…. و… و.. و ” متخافيش إحنا متوصى علينا قوى”


دخلنا مكتبها وقدمنا أنفسنا…. ونظرت لى وقالت …” أنا موش عارفة إنت غاوية تعب ليه ؟؟.. ما تشوفى شغل جنب بيتكم … ولا تساعدى والدك فى صيدليته”….


طبعا شكلى كان هباب * هباب قدام شيماء… وقلت فى عقلى …” يمكن يابت يا ميرو بتختبرك علشان تشوفك بتحبى الشغل ولا لأ “… و قلت ردود بليغة وأفضت وإستفضت…. ونظرت لى قائلة ” عموما متخافيش إنتى متوصى عليكى قوى “


وردت فيا الروح وقلت لشيماء …شوفتى … موش قلت لك” متخافيش إحنا متوصى علينا قوى”


ذهبنا تانى يوم لتسلم العمل … وبدأت الدكتورة المديرة فى توزيعنا للعمل بالصيدليات المختلفة بالمستشفى…. وبدأت بالجميع وإنتهت بى قائلة … ” أما إنتى بقى ياأميرة …بما إنك قاعدة معانا أيام حتى تنتقلى للكلية فمكان عملك حيكون…. مستشفى الطوارئ “



ساعتها إفتكرت مسلسل ” إى . أر ” ER وإفتكرت جورج كلونى وقلت يااااااااه وماله يا دكتورة… أنا بحب الشغل ( بالذات لو كان مع جورج كلونى ) وأى مكان عندى كويس

شيماء قرصتنى فى ذراعى …. وقالت لى …” الله يخرب بيتك طوارئ إيه …ده شغلها منيل “قلتلها … يا بنتى متخافيش أكيد ده مكان كويس …” إنتى نسيتى إن إحنا متوصى علينا قوى؟”

أول يوم فى الطوارئ…. قالوا لى المدير عاوزكوا… طلعنا 5 أدوار… ودخلنا مكتبه....مكتب طوووووويل وكنب وكراسى على الجانبين وعليهم ناس تحمل وجوههم إبتسامات صفراء ولسان حالهم بيقول… ” يا عينى هما دول الضحايا – قصدى الصيادلة – الجدد “
وفى أخر المكتب يجلس المدير ويدخن سيجاره … أول ما شوفته إفتكرت شين كونرى… ثم قالى :- ” إنتى بنت الدكتور فلان؟..قلت أيوه يافندم … قالى ياأهلا ياأهلا… ده أنا وبابا معرفة قديمة قوى”…
طبعا حسيت بقلبى اللى كان فى رجلى طلع ووصل لمكانه تانى…وقلت يا فرج الله ده التوصية كده بقت مضاعفة…
ثم كشر عن أنيابه وأردف قائلا…” بصوا بقى… أنا مبحبش الدلع… ولا شغل الستات أصلا… ولا الأجازات … ولا أذونات التأخير… ولاالشكاوى… ولا… ولا ..إلخ…. عموما أنتم أول صيادلة معانا هنا لأن محدش بيرضى يجيى يشتغل فى الطوارئ…. وإنتم خارجين السكرتيرة حتديكم جدول النوبنجيات

وهنا بقى شيماء جالها حالة هلع وهياج وذعر و نظرت لى قائلة….” متخافيش … موش كده… إحنا متوصى علينا …موش كده …شفتى التوصية يا فالحة…أنا إيه اللى خلانى أجى معاكى”

وهنا بدأت أراجع حساباتى مع نفسى … هو أنا عملت فى بابا إيه علشان يوصى عليا كده.
وإضطررت صاغرة لقبول الوضع حتى تنتهى المدة المقررة لأنتقل من السجن الحربى ده للعمل بكلية الصيدلة..........

آآآآآه …نسيت أقولكم….
المديرة توفت الله يرحمها …
وعميد الكلية توفى الله يرحمه…
والعميد اللى جاء بعده توفى الله يرحمه…
ووكيل الكلية - صاحب فكرة العمل بالكلية - أصيب بالسرطان وسافر للعلاج…
والوحدة ذات الطابع الخاص إتقفلت لفشلها….
يعنى كل اللى كانوا فى الفيلم ماتوا أو إتدمروا … وفضلت أنا أعمل فى مستشفى الطوارئ الجامعى الذى تحول بدوره ليكون مثل قانون الطوارئ الأبدى!!!!

وكل ده علشان بابا وصى عليا …قوى!!!

الخميس، 22 مايو 2008


أعشق اللغة العامية المصرية…. المصريين لديهم قدرة غير معقولة على نحت كلمات معبرة تمس القلب …تحمل كل الموروث العاطفى للشعب المصرى وتصيغه فى ألفاظ تخرج من القلب وتصل إلى القلب.
إنشالله يخليكى… جملة تعنى أن قائلها يتمنى العمر المديد لمتلقيها… أعشق تلك الجملة…ليس لأنى أتمنى العمر المديد… حيث إن كل أفراد جيلى لا يتمنى لا العمر المديد ولا السعيد فى ظل ذلك الحكم الرشيد الذى ( يقصف ) عمر المصريين !
ولكنى أحب تلك الكلمة لأنى دائما ما أسمعها من المرضى الفقراء فى المستشفى التى أعمل بها عندما أقدم لهم أى خدمة… أو أوفر لهم أى علاج لا يستطيعون الحصول عليه… أو عندما أجد حل لمشكلة طبية يواجهوها.
أدمنت تلك الكلمة وإرتبطت فى ذهنى بإبتسامة مريض تقول دموعه المتحجرة من قسوة الفقر والمرض والعجز كلام أبلغ من أى مقالة تشيد بالحكومة الإلكترونية وإنجازات لجنة السياسات.
أعمل بمستشفى الطوارئ الجامعى …. صيدلانية…. وأحيانا باحث إجتماعى…
… وأعشق رائحة الدواء والديتول والبيتادين…والتى تشبه رائحة عطور (إيف سان لوران ) مع تغير بسيط فى الكلمة الأولى لتصبح… ( أووووف سان أتران )!!!
وأعشق تلك الكلمة… إنشالله يخليكى …. يا … ( داااكتورة )!!!