الجمعة، 26 سبتمبر 2008

ميرو فى الجامعة الأمريكية...!!!!!!!


بعد أن فشل مشروع عملى بالكلية...وبعد وفاة كل من كان له دور فى هذا الفيلم المأساوى ...وبعد أن شربت أكبر مقلب فى حياتى.... حيث أن وجودى بمستشفى الطوارئ كان مقرر له شهر أو شهرين على أقصى تقدير... وجدت نفسى أعمل رسميا وحتى إشعار أخر ....ويمكن للأبد كمان فى هذا المكان المريع... مريع فى طبيعته المكلفة بإستقبال الحوادث...ومريع فى نظام إدارته حينذاك والذى كان قريب الشبه بإدارة سجن تحت حكم الإتحاد السوفيتى ... وأرجو مراجعة مصادرى فى تلك النقطة وهى... روايات رجل المستحيل !!!

لما بقى لقيت الدنيا باظت كده وخلاص ياميرو ..كل سنة وإنت طيبة ... وأهلا بك فى الجحيم... قلت أدور على حاجة تانية أعملها فى حياتى...وقد كان

قررت تغيير دائرة إهتماماتى من دراسات عليا فى الصيدلة الإكلينيكية لدراسات عليا فى التسويق وإدارة الأعمال
وإلتحقت بالجامعة الأمريكية ...وبدأت الرحلة التى لم تنتهى بعد




لو تكن أول مرة أدخل فيها الجامعة الأمريكية لأنى كنت أدرس بها لشهور قليلة سابقا أثناء دراستى بكلية سياسة وإقتصاد قبل دخولى كلية صيدلة....ولكن تلك المرة كانت دراسة أطول و سنى كان أنضج مما جعل التجربة أعمق

حدثت الصدمة الحضارية الأولى والأقوى أثناء أول فصل دراسى لى ...حيث أنه من المفروض أن أقدم نفسى لزملائى فى بداية الفصل وعندما فعلت وقلت أنى أعمل فى مستشفى الطوارئ... لقيت واحدة زميلة إذبهلت على الأخر وبدت مصعوقة من المفاجأة وأصدرت عدة أصوات تنفع تكون دلالة على الدهشة أو الهطل ...
وقالت: وااااااااااوووو... يابختك .........إنت بتشتغلى فى مستشفى زى ( إى آر)... يااااااااه ... بحب قوى جو الحركة والأكشن ده...وعندكوا برضه المصابيين يتنقلوا بالهليكوبتر والإسعاف الطائر...
قلت فى سرى ....... أهلا ...من أولها الجنان حيشتغل ...عبيطة دى ولا إيه ...هليكوبتر مين ياحاجة....... هو إحنا لاقيين تروللى الناس تتحط عليه ...ولو لقينا وطلع المصاب الست والدته راضية عنه وداعية له والتروللى طلع عجلاته كاملة وبتتحرك عادى.. حنلاقى عمال يشدوا التروللى ولا لأ...لو طلعت والدته داعية له فى ليلة القدر ولقينا كل ده ...حنلاقى بقى دكتور يكشف عليه وجهاز أشعة موش عطلان ولا لأ

وضحكت وقلتلها طبعا عندنا كل حاجة... ده حتى المستشفى صرفت لكل واحد فينا هليكوبتر علشان يروح بيها الشغل كل يوم وميتأخرش........ طبعا فهمت إنى بتريق وضحكنا كلنا

ولكن الموقف لم يمر عليا بسهولة... إحتكاكى بالمستشفى وبالمرضى الفقراء فيها وقصصهم الموجعة ومعاناتهم اليومية وعلى الضفة الأخرى من النهر أذهب مساء إلى الجامعة الأمريكية وطلابها ومستوى معيشتهم وطبيعة حياتهم المختلفة بشكل كبير عن طبيعة حياة معظم المصريين

هذا التناقض الأسبوعى كان يشكل لى علامات إستفهام كبيرة...وربما كان هو السبب فى إستمرارى فى العمل بالمستشفى حتى الآن بالرغم من عملى فى مجالات بعيدة جدا ومربحة أكثر بكثييييييييييييير من مرتب المستشفى

أحد علامات الإستفاهم تلك كانت ... لماذا الفروق بين الطبقات فى مصر أصبح بتلك البشاعة.... ليس فقط فروق مادية ولكن فروق إجتماعية

أى مجتمع به طبقات عديدة وتعدد الطبقات الإجتماعية ذلك دليل على سلامة بنيان المجتمع ....وتنافر الطبقات وتباعدها يصبح أحد أدوات الهدم السريع للمجتمع ككل

كنت دائما ما أفكر .... ما هى شكل الحياة والمسافات بين الطبقات فى مصر فى فترة مابعد الثورة وحتى الآن
سألت والدى المعايش للثورة... وقال أن الموظف والمعلم والمهندس كانوا كريمة المجتمع ...ليس هم فقط وحدهم بل كان التعليم هو معيار كفاءة الشخص ومصدر إحترام الناس له

وبعد ذلك...ماذا حدث يا حاج؟؟؟؟..............

صمت الحاج وقالى ..... بعد كده حضرتك ..وفجأة وعلى حين غرة.... صار كل المتعلمين والقائمين على تعليم الناس وثقافتهم...فجأة فجأة أصبحوا غلطة وندمان عليها ... وبقولك وإسمعيها على رأى هانى شاكر !!!!
والغلطة بعون الله وتوفيقه إتصلحت فى ثورة التصحيح وإتحط كل العالم دووووول فى السجن ...!!!!

فهرشت رأسى وقلت...أمال مبن اللى بقى صفوة المجتمع وكريمته
قالى ....تم تصحيح المعيار المستخدم لتقدير البنى آدم وإحترامه فى مصر ...وأصبح..........

قلت أيوه أصبح إيه المعيار الجديد بدل من التعليم؟؟؟

قالى ....بصى حولك وإنتى تعرفى

بصيت حولى لقيت الدنيا جميلة خالص.... طبقت مبادئ التحليل على صفوة المجتمع وجدت أن الخط المشترك هو النهب والسرقة والغش ومص دم الغلابة

وتذكرت مقولة على ابن أبى طالب لعمر بن الخطاب عندما تعجب الأخير من أمانة أحد الرعية
ومافيش داعى أقول المقولة تلك ....وخليها فى بطن الشاعر أحسن

لذا فهمت لماذا الفروق الطبقية صارت وتصير يوميا أكبر وأوسع وأعنف وأجرأ

كنت أذهب لمحاضرتى مساء ونتحدث عن الإدارة والتسويق وظروف العمل المختلفة ويتطرق الحديث للبورصة والأسهم والأرباح والمرتبات الضئيلة التى يتمنى زملائى الإنتقال لشركات أكبر لتغيرها.... تلك المرتبات التى تتجاوز حد الثلاثة أصفار والتى فى عرف باقى المجتمع مرتبات مرتفعة لا ينالها معظم الشباب وبالكاد قد ينالها من يقاربوا على المعاش

ثم أذهب فى اليوم التالى صباحا للمستشفى ...حيث المرضى والفقراء والغلابة ...الذين يمثل لهم الجنيه والنصف ثمن تذكرة الكشف مبلغ يستحق التفكير بشأنه

ويكون حديث الأطباء ...المرتبات وصلت ولا لسه ...والحوافز أخبارها إيه....وتسمع السؤال التقليدى ...تحبى تدخلى معانا جمعية لعشرة شهور؟؟؟؟؟

وهكذا تناقض مريع بين طبقتين من مجتمع واحد ....وللأسف لا تملك أى طبقة منهم الأسباب الكافية لتبرير مايمرون به

فالطبقة الفقيرة لا تعلم لماذا تعانى يوميا وتزداد المعانة من يوم ليوم
والطبقة الغنية لا تعرف لماذا تزداد ثرواتها يوميا وتقفز سنويا

وللحديث بقية